-->

ماذا تعرف عن العالم السفلي واهم اسراره

ماذا تعرف عن العالم السفلي  واهم اسراره
    إن أول علامة تقودك إلى معرفة طبيعة العالم السفلي هي أن تجد أفراده يعلمون الكثير جداً عن الجن والعفاريت والأشباح، وكيف يُنجِب إبليس وكيف يربي أبنائه، وفي المقابل تجد هؤلاء الخبراء عن عالم الجن لا يعلمون شيئاً عن عالمهم الواقعي الذي يعيشونه كل يوم.
    أسماء ملوك الجن معروفة، ومعروف ماذا يأكلون وماذا يلبسون ومن منهم يطيِّر ومن يزحف على بطنه، وأين يسكنون، ورغم هذه المعرفة الواسعة عن الجن والعفاريت تجد أبناء العالم السفلي لا يعلمون من هم المفسدون في مجتمعهم، من يسرق الأراضي والأموال وأرزاق العِبّاد، من يتلاعب بالأسعار والسِلع ويؤجج الخلافات.
    أبناء العالم السفلي يعلمون جيداً كيف ينكِح إبليس نفسه ليُنجِب أبناءه صباح مساء، وفي المقابل يجهلون تماماً كيف وعلى أي أساس كيف وعلى أي أساس يتخذ السياسي قراراته، وعلى ماذا يعتمد لتقرير مصيِّر الجموع.
    يُمكِنك بكل طمأنينة أن تقول: إن المجتمع الذي يهرب من واقعه المؤلم إلى عالم الغيبيات والفرضيات الساذجة، هو مجتمع العالم السفلي.
    ( 2 )
    في دول العالم المُتحضِر تنحصر أمور الجن و الغيبيات والرجم بالغيب في السيرك أو في الأزقة المُظلِمة أو عند مدمني الخرافات، أما في دول "العالم السفلي" فالتعامل مع الجن و العفاريت يتم في أعلى المناصب، عند القضاة و بين أزقة المحاكم ورجال الدين الفضلاء، لهذا كثيراً ما ستجد أصحاب السعادة والفضيلة يؤمنون بالجن والعفاريت كفاعليِّن مؤثرين على أرض الواقع، لهذا أيضاً ستجد الكثير من عمليات الإستعانة بالسحرة والمشعوذين الذين يتوسطون لدى الجن والعفاريت أن يقوموا بحل قضايا مجتمعهم الصعبة، المفارقة أن الجميع يؤمن بأن الجن له عقلاً صغير كعقل طفلٌ في الرابعة، مع هذا يُطالِبونه بأشياء لا يستطيعها أولوا العلم منهم! .. ولا تسأل كيف؟!، فأنت في العالم السفلي.
    ( 3 )
    في العالم السفلي تجد الزوجين يُنجِبون نصف درزيّنة من الأبناء، رغم أن حالتهم المادية تحت خط الفقر، فإن سألت: لماذا يُنجِب الفقراء بهذه الكثرة؟!، سيأتيك الجواب: لأنه في العالم السفلي فالتكاثر هو المتعة الوحيدة، فالفقر وشدة الجوع تحصر كل متع الحياة في النكاح، وليست المشكلة في التكاثر، إنما المشكلة أن مجتمع العالم السفلي لا يُؤمِن لهذه الأعداد الغفيِّرة أيُ متطلبات لحياةٍ كريمة، ففي الوقت الذي ينظر فيه العالم إلى الزيادة السكانية أنها موارد بشرية مهمة، نجد العالم السفلي يتعامل مع هذه الزيادة السكانية أنها ضرراً على الخطط التنموية!.
    المهم أنه وبعد هذا العدد من الأبناء، يبدأ الوالدان في رحلة البحث عن أي خيط قد يساعد في تحسين الأوضاع المادية، ولأن مجتمع العالم السفلي لا يعطيهما أي إعتبار ولا حقوق، تأتي النتيجة أنهما سينفران من بعضهما البعض ويكرهان رؤية بعضهم البعض، ستكثر المشاكل الزوجية والعنف الأسري وحالات الطلاق.
    و على الرغم من كل هذا الفقر و غياب الحقوق و غياب الوعي، تجد الزوجان المتنافران لا يناقشان ويبحثان عن أسباب هذه الحالة الزوجية المتأزمة إنما فوراً يذهبان لشيخ يرقيهما بالبصق كأول خطوة في العلاج!، هذا لأن السحر والعين هما التفسيِّران الأكثر رواجاً في العالم السفلي.
    فأين يُمكن إعتماد البصق واللُعّاب كمادة علاجية إلا في العالم السفلي؟!
    ( 4 )
    في العالم السفلي، فإن صاحب المال و الجاه و المنصب لا يسكن في أحياء العامة، بل إنه وإن سكن وسطهم وبينهم وشاركهم حياتهم، فأول خطوة سيقوم بها أن يبني الأسوار بإرتفاعات عالية، ثم سيقوم برش قِطعً من الزجاج فوق تلك الأسوار، ثم سيُحيِّط منزله الفخم بالكاميرات وكلاب الحراسة، وهو يلجأ لكل هذا لا ليأمن من اللصوص إنما ليُوضِح للعامة الذين يشاركهم حياتهم أنه إنسانٌ أرقى، أرقى من الإنتماء لعالمهم السفلي الذي صنعه بيديه ثم أجبرهم على العيش فيه ليتنعم هو ثم يتعالى عليهم.
    ( 5 )
    في العالم السفلي نجد التفسير المنطقي وربما الوحيد الحاضر دائماً أمام كل المشاكل والتحديات هو "المؤامرة"!، لأن محاولة حل تلك المشاكل المتراكمة عملية مُرهقة بينما إلقاء اللوم على الأخرين أمراً يسيِّر، وقد تسمع في العالم السفلي أن الجن والعفاريت أيضاً يتآمرون على أبناء هذا العالم، وطالما الجن والعفاريت يتآمر فليس بمستغرب أن يدخل أحد الجن جسد معاليه أو سماحته ليتخذ القرارات أو يُصدر أوامر مصيرية، عليه يجب على البقية من العوام أن يتكاتفوا حول المسئول ويحصنونه بالماء المقري عليه والبخور والكثير من اللعاب المبارك، علّ وعسى أن لا يُباغِت سعادته عفريتاً يكره البلد.
    ففي العالم السفلي وحده تجد أن للجن و العفاريت قدرات خارقة في نهب المال العام وتشبيِّك الأراضي وقطع الأرزاق، ثم يلوذون بالفرار والإختفاء تماماً وهي تعلم أنه لن يجرؤ أحد من أبناء العالم السفلي على تتبعها، فضلاً عن إحضارها للمحاكمة.
    ( 6 )
    في العالم السفلي الأنظمة الوحيدة التي تعمل بكفاءة عالية هي أنظمة الجباية، والجباية في العالم السفلي تسري على جميع المواطنين بلا إستثناء، أما الوزراء والأمراء والتجار وكبار المسئولين وبعض الشيوخ الفضلاء وزمرة من المثقفين، فهؤلاء دائماً لا تشملهم أنظمة الجباية رغم أنهم من يحتكرون الأموال، وطبعاً، مثل هذا الإعفاء سيُولِد في نفوس العامة شيئاً من عدم إحترام القانون من الأساس، لكن لا أحد يهتم.
    ( 7 )
    الإستهلاك، والإستهلاك فقط هو من أكبر العلامات التي يستدل بها الإنسان أنه أمام مجتمع من مجتمعات العالم السفلي، فلا تكاد توجد في العالم السفلي أي صناعة، والإنتاج في هذا العالم هو مفهومٌ غريب لا يُستساغ، ولماذا الإنتاج إن كان الله قد خلق لنا الغرب؟!. مع مثل هذا الإستهلاك المهول ستتولد الإتكالية، و الإتكالية بدورها ستُولِد لدى العامة ثقافة أن الله سخر لنا الكل وليس الغرب الكافر فقط، وطالما الله قد سخّر لنا هؤلاء فهذا لأنه يريدنا أن نتفرغ لعبادته فقط، فهل تفرغ أبناء العالم السفلي لعبادة الله فقط؟!
    ( 8 )
    الدين في العالم السفلي غالباً ما يتم إستخدامه وفق الأهواء، لذلك هو غالباً يستخدم كسلاح هدم لا كأداةِ بناء، فالشاب إذا ما تعرف على فتاة فوراً سيشك في أهل بيته لأن الثقافة الدينية أقنعته بأن الله سينتقم لشرف تلك المعشوقة بإيقاع الضرر في أخته أو زوجته!، حينها سيبدأ الشاب بتضييق الخناق على نساء بيته وسيُعامِلهُن على أساس أنهن بغايا.
    حينها إن هربت إحداهُن من هذا الجو الخانق إلى حضن شابٍ عابر، ستعلوا في الأجواء صيحات "الله أكبر" وسيردد أغلبهم: ألم نقل من قبل، بأن من يزني سيُزنى بأهله "تكبيِّير" وسيُكبِرون.
    صورة أخرى للفوضى الدينية ،،،
    أن عقوداً من المواعظ الدينية وملايين الخُطب عن الفضيلة والخير والصلاح وصلة الرحم، خطب ومواعظ في كل يوم وكل محفل. عقوداً من سياسة التحفيز بالجنة والترهيب من النار، بعد كل هذه العقود كان من المفترض أو المتوقع أن يتحول المجتمع إلى مجتمع ملائكي، إلا أن ما حدث أن المجتمع إنحدر إلى العالم السفلي.
    ( 9 )
    الدعوة الدينية والنصح والإرشاد، التعليم والصحة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المؤسسات العسكرية والتعليمية ... لا رابط يربط بين كل هذه المؤسسات إلا رابط واحد، وهو أن كل شيء في العالم السفلي يتم بشكل فردي، كل قرار يتم اتخاذه في العالم السفلي يعتمد على التفرد بالرأي، أو بمعنى آخر على قانون {ما أُريِّكم إلا ما أرى}.
    و كمحاولة للتمويه، يتم دوماً إستحداث اللجان و اللجان الفرعية، كمحاولة لخلق فكرة أن القرار في العالم السفلي يُتخذ بشكل جماعي، غير أن الحقيقة أن مهمة هذه اللجان هي تحول مُتخِذ القرار من كائن "أحادي الخلية"  إلى "كائن رخوي" كالأخطبوط، يتخذ القرار وعلى اللجان مهمة المصادقة عليه بلا جدال.

    إرسال تعليق